عرفت ساتيا ناديلا لما يزيد على عشرين عامًا، وقد أتيح لي التعرف إليه في منتصف تسعينيات القرن الماضي، عندما كنت مديرًا تنفيذيًّا لشركة مايكروسوفت الذي كان يعمل على برنامج خادمنا، والذي كان في مرحلة الإطلاق حينها. لقد انتهجنا أسلوبًا طويل الأمد في بناء الشركة، كانت له فائدتان: الأولى أنه منح الشركة محركَ نموٍّ آخر، والثانية أنه حفَّز الكثير من القادة الجدد الذين يديرون مايكروسوفت اليوم، ومنهم ساتيا. وعملت معه لاحقًا بشكل مكثَّف عندما انتقل ليدير مساعينا لبناء محرك بحث على طراز عالمي، وكنا قد تأخرنا عن شركة جوجل، وكان فريقنا الأساسي للبحث قد رحل، وكان ساتيا جزءًا من مجموعة أتت لتُغيِّر الأوضاع. لقد كان متواضعًا وطموحًا وعمليًّا، وكان يطرح أسئلة ذكية بشأن إستراتيجيتنا، كما كان يعمل بشكل جيد مع المهندسين ذوي المراس الصعب. لذا لم يكن مفاجئًا لي أنه بمجرد أن تقلَّد ساتيا منصب المدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت استطاع أن يضع بصمته على الشركة على الفور. وكما يوحي عنوان هذا الكتاب، فهو لم ينفصل تمامًا عن الماضي؛ فعندما تضغط على زر التحديث refresh على متصفحك، يبقى بعض ما على الصفحة كما هو. وتحت قيادة ساتيا، تمكنت شركة مايكروسوفت من الابتعاد تدريجيًّا عن الأسلوب المرتكز على نظام ويندوز؛ فقد قاد تبني مهمة جريئة جديدة للشركة، وهو جزء من نقاش مستمر؛ حيث يتواصل مع العملاء وكبار الباحثين والتنفيذيين. والأهم من ذلك أنه يراهن على القليل من مجالات التكنولوجيا الرئيسية، كالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وهي المجالات التي ستميِّز فيها مايكروسوفت نفسَها. إنه أسلوب ذكي، ليس لشركة مايكروسوفت وحسب، بل لأية شركة تريد النجاح في العصر الرقمي؛ فلم يحدث أن كانت صناعة الحاسبات بهذا القدر من التعقيد؛ فاليوم كثير من الشركات الكبيرة كشركات جوجل وآبل وفيسبوك وأمازون وغيرها إلى جانب شركة مايكروسوفت تقوم بعمل مبدع. ويوجد مستخدمون رفيعو المستوى حول العالم، وليس في الولايات المتحدة وحسب. ولم يعد الحاسب الشخصي هو الجهاز الحاسوبي الوحيد، أو الرئيسي، الذي يتفاعل معه أغلب المستخدمين. وعلى الرغم من كل هذا التغيُّر السريع في صناعة الحاسبات، فإننا ما زلنا في بداية الثورة الرقمية. تَأَمَّل الذكاء الاصطناعي (AI) كمثالٍ. فكِّر في كل الوقت الذي قضيناه في تنظيم أنشطة روتينية وإنجازها بصورة يدوية، بدءًا من تحديد مواعيد الاجتماعات إلى سداد الفواتير. ففي المستقبل، سيعلم وكيل الذكاء الاصطناعي أنك في العمل ولديك عشر دقائق متاحة، ثم سيساعدك في إنجاز شيء ذي أولوية قصوى على قائمة مهامك؛ فالذكاء الاصطناعي على وشك أن يجعل حياتنا أكثر إنتاجية وإبداعًا. كما أن الابتكار سيُحَسِّن الكثير من المجالات الأخرى في الحياة. وهو الجزء الأكبر من عملي مع مؤسسة جيتس، والذي يُركز على الحدِّ من أسوأ أشكال عدم المساواة في العالم؛ فأدوات التتبع الرقمي والتسلسل الوراثي تساعدنا على الاقتراب جدًّا من القضاء التام على مرض شلل الأطفال، والذي سيكون ثاني مرض بشري يُقضى عليه تمامًا؛ ففي كينيا وتنزانيا ودول أخرى، تتيح الأموال الرقمية للمستخدمين من ذوي الدخل المنخفض الادخارَ والاقتراضَ وتحويلَ الأموال بصورة لم يسبق لها مثيل. وفي الفصول الدراسية في الولايات المتحدة، تتيح برامج التعليم الشخصي للطلبة التحرك بوتيرتهم الخاصة والتركيز على أشد المهارات احتياجًا إلى التحسين. وبالطبع، فمع ظهور كل تكنولوجيا جديدة، تظهر تحدياتٌ؛ فكيف نساعد الأشخاص الذين يُستعاض عن وظائفهم بوكلاء الذكاء الاصطناعي؟ وهل سيأتمن المستخدمون وكلاء الذكاء الاصطناعي على كل ما لديهم من معلومات؟ وإذا أمكن لوكيلٍ أن ينصحك بشأن أسلوب عملك، فهل ستتبع نصيحته؟ هذا هو ما يجعل كتبًا مثل هذا الكتاب قيِّمةً للغاية؛ فإن ساتيا يرسم مسارًا لتحقيق الاستفادة القصوى من الفرص التي توفرها التكنولوجيا أثناء مواجهة الأسئلة الصعبة. كما يقدم قصته الشخصية الرائعة، واقتباسات أدبية أكثر مما قد تتوقع، وبضعة دروس من لعبة الكريكيت التي يحبها. ينبغي لنا جميعًا أن نتحلَّى بالتفاؤل حيال ما هو آت؛ فالعالم يتحسن، والتقدم يأتي أسرع من ذي قبل، وهذا الكتاب هو دليل مدروس لمستقبل مثير للحماسة والتحدي. بقلم بيل جيتس
رقم التصنيف الدولي |
282207036 |
اسم المؤلف |
ساتيا ناديلا المدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت، بالاشتراك مع جريج شو وجيل تريسي نيكولز |
عدد الصفحات |
266 |
دار النشر |
مكتبة جرير |
نوع غلاف الكتاب |
غلاف كرتوني |